منتديات الحزين فلسطين

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات الحزين فلسطين

مرحبا بكم في منتديات الحزين فلسطين


    مجتمعاتنا ومعضلة العنف المادي والرمزي

    ررررشة دلع
    ررررشة دلع
    عـضـو مـحترف
    عـضـو مـحترف


    الدولة : فلسطين
    انثى
    عدد المساهمات : 2143
    نقاط : 4472
    تاريخ التسجيل : 27/08/2010
    العمر : 35

    مجتمعاتنا ومعضلة العنف المادي والرمزي Empty مجتمعاتنا ومعضلة العنف المادي والرمزي

    مُساهمة من طرف ررررشة دلع الإثنين يناير 24, 2011 9:44 am

    جتمعاتنا ومعضلة العنف المادي والرمزي





    أزراج عمر


    كيف يمكن أن نفهم الأسباب الأساسية التي تولّد العنف في مجتمعاتنا؟ وما هو السبيل الأفضل للتغلب على هذه الظاهرة الخطيرة؟ في البداية لابد من التوضيح بأن العنف ظاهرة اجتماعية وثقافية، وليس معطى بيولوجيا حتميا. بمعنى أن الانسان لا يولد ومعه فيروس العنف، بل إن التنشئة والظروف التي تحيط به هي التي تدفعه لكي يتحول إلى حيوان كاسر.

    وبطبيعة الحال فإن أنماط العنف متعددة، ولكنه يمكن تقسيمها إلى نوعين وهما العنف الموجه للذات، والعنف الموجه إلى الآخرين بما في ذلك الطبيعة. وفي هذا السياق فإن ثمة العنف المادي الغليظ، وهناك العنف الرمزي الناعم علما أن هذا الأخير لا يقل أبدا من حيث الأذى والهدم عن الأول، أي العنف المادي.

    وهكذا، فإن المجتمعات الحديثة المتطورة تقوم باستمرار برصد وتائر ازدياد أو تقلص العنف في المجتمع، وبدعم مثل هذه العملية بالأموال الطائلة، وبإنشاء المراكز المتخصصة في البحث الاجتماعي وإسنادها للخبراء الأكفاء وذلك لحماية الناس منذ الصغر من الإصابة بالكدمات النفسية التي تخلق الشخصيات القاعدية غير السوية. ولاشك بأن العنف الذي يحدث في المجتمعات البشرية بصفة عامة، وفي مجتمعاتنا أيضا تعود أسبابه جزئيا إلى الحرمان، أو التهميش، أو البطالة أو الازمات المعيشية وغير ذلك من الظواهر السلبية.

    وفي الواقع، فإن العنف الفردي، أو الجماعي ليس إلا التعبير عن انحراف في نسيج الأسرة، أو في المحيط العام، وعن الفشل في حل المشكلات الاجتماعية وحتى السياسية. وهكذا، فإن الخطوة السليمة التي ينبغي علينا أن نخطوها على طريق إيجاد العلاج الظاهرة لعنف الرمزي تتمثل في بناء الأسرة بناء يراعى فيه التوزيع العادل للسلطة فيها، وللأدوار بما يجعل كل عضو فيها يحقق ذاته واستقلاليته، وطموحاته.

    وفي هذا الاطار فانه من اللازم عدم قمع الأفراد وكبتهم لأن ذلك يؤدي إلى الإنطواء والانسحاب، أي إلى رفض الاندماج في مجتمع الأسرة الصغير، ثم يتحول ذلك إلى الهروب من المجتمع الكبير ككل.

    وفضلا عن ذلك فإن العنف الرمزي ينشأ في عمق المجتمع من عدة مصادر منها على سبيل المثال انقسام هذا المجتمع ذاته إلى عالمين متناقضين واحد للفقراء، وآخر للأغنياء المتخمين. إن مثل هذا الانقسام يقابله انقسام آخر يتمثل في جزء من المجتمع توفرت له ظروف متابعة الدراسة والتحصيل العلمي، وجزء آخر منه غارق في الأمية والجهل. وهكذا فإن معضلة العنف ينبغي الكشف عن جذورها في الأوضاع الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، والنفسية، والتربوية، وحتى في التمايز الجنسي التعسفي بين الذكور والإناث. ومن هذا المنطلق فإن العلاج الحقيقي يكمن في بناء مجتمعات العدالة، والحرية، والحقوق في المواطنة.

    إذا كان العنف ممارسة مادية فإن هذه الممارسة هي نتاج للاسقاطات النفسية اللاواعية في كثير من الحالات الفردية أو الجماعية. إنها اسقاطات لكل ترسبات التهميش، والتحقير، واحتكار السلطة.

    إن المطلوب هو إيجاد البدائل لمثل هذه المظاهر التي تؤسس للعنف في مجتمعاتنا. لا شك بأن مجتمعاتنا ما فتئت تفرّخ مظاهر شتى من ألوان العنف الموجهة إلى البيئة والطبيعة مثل الإمعان في تلويث المدن، وطمس معالمها بالأوساخ، فضلا عن ممارسة أشكال الهدم للمعالم التاريخية، والحضارية، وللعناصر الجمالية التي بدأت تختفي من بيئتنا بشكل مطرد.

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء مايو 21, 2024 2:45 am