رحلة العذاب الى القاهرة
قال لي : قبل أيام ؛ سافر ( سعود) إلى (مصر ) ليقوم بتحضير رسالة (الماجستير ) هناك في إحدى الجامعات .
قال : ما إن ركبت الطائرة وأخذت مكاني في المقعد المخصص لي عرفته برقمه ؛ حتى جلس بجواري رجلٌ من جلدتنا ؛ يرتدي ما نرتدي ؛ زيُّه كزِيِّنا ؛ وهيئته كهيئتنا .
وجلستْ امرأته المحجبة تماماً إلى جواره ؛ لا يُرى منها إلاَّ سواد (عباءتها) ! ؛ صدح دعاء السفر عذباً ندياً من جوانب الطائرة ؛ وهذه ميزة طيبة في طائرات بلادي ؛ قامت المرأة فجأة–- بعد أن استقرت الطائرة في جوِّ السماء ؛ مايمسكها إلاَّ الرحمن - غابت عنا برهة من الزمن ؛ فلم تعد بعدها! وإنما عاد إلى مكانها امرأة ناثرة شعرها على أكتافها ؛ ترتدي أضيق لباس لك أن تتخيله ! اختلطت ألوان الدنيا في وجهها ؛ ذَهَبَتْ بي الظنون كل مذهب ؛ وظننتها بادىء الأمر امرأة من أولات(…......) ! تبحث عمن يُروي ظمأها الروحي ؛ بالكذب الممزوج بآهات الغرام الساخنة الفاجرة ! ونحن معلقون بين السماء والأرض .
لكن الذي أذهلني ؛ أن الرجل القابع في مقعده لم يحرك ساكناً ولم يُدِرْ رأسه للحدث ؛ ولم يكترث للأمر .
رمت بنفسها بقوة في حضن المقعد ؛ كأنما تنتقم من شيء في ضميرها ؛ إن كان بقي لديها ضمير!! اكتشفتُ بأنها زوجته التي كانت قبل قليل (محجبة ) حتى يديها ! عرفت ذلك مما تحمله في يدها في ذلك ( .. الكيس البلاستيك) من ملابس سوداء مجموعة على بعضها داخله.
تأكدت أنها خلعتها في (دورة المياه ) بالطائرة ! وخلعت معها دينها وسترها .. ووضعت الكل في ذلك الكيس ؛ إلى أجلٍ غير مسمى .
هممتُ أن أقوم ..فأشُدَّ الرجل من تلابيبه ؛ وأُفرغ له كلاماً زورته في نفسي في تلك اللحظة ! لأوقظ فيه رجولتها النائمة في أعماق ضميره ..إن كان له ضمير هو الآخر !
وتذكرت أن الكلام مع مثله ..لن ينفع .. فلم تعمل ( المحترمة) التي معه ما عملت إلاَّ بعد قناعة تامة من الطرفين !!
أعلن قائد الطائرة عن الاستعداد للهبوط في مطار ( القاهرة ) . انحنت المحترمة ! وفتحت حقيبتها السوداء ؛ووضعت فيها الملابس السوداء! ؛ وأخرجت زجاجة صفراء مملؤة بالعطر ! ورشَّت بها جسمها وعنقها ؛ وما تحت شعرها المتدفق على كتفيها كالليل البهيم ! ثم أعادتها إلى الحقيبة .
و( الثور) ! بجوارها لم يحرك ساكناً؛ بل دسَّ رأسه في (جريدة) دولية ؛ وسمَّر رأسه في الصفحة الرياضية ؛ ونام ! رحمه الله ! .
نزلنا واحداً تلو الآخر ؛ من سلم الطائرة ؛ إلاَّ هما فقد أدركتهما في هذه اللحظة الطيبة نفحة من الحب القاتل ؛ فتأبط ذراعها أمام الناس ؛ ونزل الحبيبان ! بكل هدوء ؛ ليتجها إلى (.. البر والتقوى ؛ ومن العمل مايرضى)!.
* * *
بعد وصولي ؛ اتجهت برفقة دليلٍ أمينٍ جدّ أمينٍ !؛ إلى فندق يصلح لمثلي ؛ فشرطي الوحيد لدليلي الهمام ! أن يوصلني فندقاً محترماً ؛ تحتشم فيه العذراى ! .
دخلنا الفندق ؛ ووضعت في يد الدليل ؛ ما قسم الله ؛ رفع يده إلى جبينه وأنزلها إلى فمه ؛ تعبيراً عن الشكر والامتنان ؛ قرنها بكلام معتاد سمعت مثله كثيراً في (التلفزيون ) وأنا صغير!.
وقفت أمام مكتب الاستقبال ؛ دفعت للموظف ( إثبات هويتي)!؛وطلبت منه أن يحجزلي (غرفة ) لمدة شهر ؛ المدة المقرر حضورها في الجامعة كل فصل دراسي ؛ أخرجت أوراقي كي أرتبها أثناء قيام الموظف بحجز الغرفة ؛ كسباً للوقت ؛ فلما انتهى دفعت إليه مبلغاً من المال( عربوناً ) لنـزلي ضيفاً عليهم .
كدت أنصرف إلى غرفتي ؛ إلاَّ أنه لفت نظري ؛ قدوم فتاتين ؛ تلبسان ثياباً ؛ تصل إلى فوق الركبة بـ..ـكثير! لا تدفء من برد ؛ ولا تستر عورة؛ أظن أعمارهما دون العشرين ؛ في وجوههن سُمرة جميلة ؛ تضرب شعورهن إلى ما تحت خط الاستواء ! اتكأت إحداهن على حافة مكتب الاستقبال ؛ بطرف أناملها ؛ وأدنت رأسها من رأس الموظف إلاَّ قليلاً ! قذفت في وجهه كلاماً ؛ انفجر ضاحكاً ؛ وفتح لها باباً على الضحك فانطلقت هي الأخرى بضحكات دوّت لها قاعة الفندق ؛ وتطوعت زميلتها فشاركتها فرحتها !
أدهشني الموقف ؛ وبدافع الفضول ؛ سألت الموظف: من هؤلاء؟!
-قال لي (.. دول بنات بلدك .. من السعودية يعني )! وابتسم ابتسامة لها مغزى.
- (جف لساني في فمي) ؛ وماذا يفعلن هنا ؛ هل يسكنَّ بالفندق ؟!
- ردّ بخُبثٍ ظاهر (لا ..ولكن يترزقن الله )!
أحسست أن الفندق كله يدور بي .. وشعرت أن سيفاً أدخله ذلك الموظف في كبدي ؛ بل في أعماق قلبي . لم أعِ نفسي إلاَّ ودموعي تخرج من عينيَّ بالقوة؛ من شدة القهر ؛ رأى الموظف المشهد ؛ ولم أُرِد له رؤيته ؛ فتكلم :
- ( يا شيخ .. مايهمكش .. دول هنا كتير في إجازة الصيف .. وانت مالك انته ؟!)
أنا مالي ؟! عجيب ..! أنا غيور على من لايغار على دينه ؛ ولا على عرضه ؛ ولا على وطنه أن يدنِّس سمُعته العطرة التي حملها للأرض كلها أذآنٌ خالدٌ ينبعث من جوانب الحرمين في كل يوم خمس مرات . أنا مالي ؟! أنا لست تمثالاً ولاقلبي حجر.!
أنا مسلم!! لا أرضى لحرمات الله أن تنتهك أمامي وأنا أنظر كالخشبة الواقفة.
لا .. لا أريد لا ماجستير ولا دكتوراه .. ولا خزي ولا عار!
أريد أن أرى كعبة الإسلام التي بالثوب طول زمانها تتسترُ ..أملأُ عيني منها ..
أنا مالي ؟! أنا لي قلب أحس به سيخرج من بين ظلوعي !
قال : فلم تحملني رجلاي وأحسست وكأنها مسمرة في بلاط الفندق .
طلبت نقودي ؛ وإثبات هويتي ..
- (أيه .. حصل أيه ..).
لم أتكلم إلاَّ رمزاً بيدي؛ مدَّ لي ما طلبتُ بامتعاض شديد ؛ حملت حقيبتي ..
- (ما قلتليش حصل أيه بس )..
لم أرد عليه ؛ توجهت إلى المطار ؛ وقلبي تقطر منها الدماء الغزيرة ! أخفي دموعي عن الناس ..
بحثت عن دليل ؛ ليعيرني عينيه لأرى بهما طريق المطار فلم أجد !
* * *
قال .. وعاد ( سعود ) بقلب جريح مما رآه .
قلت : أتسمح لي بكتابة قصته ؟!!
قال : نعم ؛ ولكن لا تذكر اسمه الصريح !
قلت : نعم! لك ذلك .
قال لي : قبل أيام ؛ سافر ( سعود) إلى (مصر ) ليقوم بتحضير رسالة (الماجستير ) هناك في إحدى الجامعات .
قال : ما إن ركبت الطائرة وأخذت مكاني في المقعد المخصص لي عرفته برقمه ؛ حتى جلس بجواري رجلٌ من جلدتنا ؛ يرتدي ما نرتدي ؛ زيُّه كزِيِّنا ؛ وهيئته كهيئتنا .
وجلستْ امرأته المحجبة تماماً إلى جواره ؛ لا يُرى منها إلاَّ سواد (عباءتها) ! ؛ صدح دعاء السفر عذباً ندياً من جوانب الطائرة ؛ وهذه ميزة طيبة في طائرات بلادي ؛ قامت المرأة فجأة–- بعد أن استقرت الطائرة في جوِّ السماء ؛ مايمسكها إلاَّ الرحمن - غابت عنا برهة من الزمن ؛ فلم تعد بعدها! وإنما عاد إلى مكانها امرأة ناثرة شعرها على أكتافها ؛ ترتدي أضيق لباس لك أن تتخيله ! اختلطت ألوان الدنيا في وجهها ؛ ذَهَبَتْ بي الظنون كل مذهب ؛ وظننتها بادىء الأمر امرأة من أولات(…......) ! تبحث عمن يُروي ظمأها الروحي ؛ بالكذب الممزوج بآهات الغرام الساخنة الفاجرة ! ونحن معلقون بين السماء والأرض .
لكن الذي أذهلني ؛ أن الرجل القابع في مقعده لم يحرك ساكناً ولم يُدِرْ رأسه للحدث ؛ ولم يكترث للأمر .
رمت بنفسها بقوة في حضن المقعد ؛ كأنما تنتقم من شيء في ضميرها ؛ إن كان بقي لديها ضمير!! اكتشفتُ بأنها زوجته التي كانت قبل قليل (محجبة ) حتى يديها ! عرفت ذلك مما تحمله في يدها في ذلك ( .. الكيس البلاستيك) من ملابس سوداء مجموعة على بعضها داخله.
تأكدت أنها خلعتها في (دورة المياه ) بالطائرة ! وخلعت معها دينها وسترها .. ووضعت الكل في ذلك الكيس ؛ إلى أجلٍ غير مسمى .
هممتُ أن أقوم ..فأشُدَّ الرجل من تلابيبه ؛ وأُفرغ له كلاماً زورته في نفسي في تلك اللحظة ! لأوقظ فيه رجولتها النائمة في أعماق ضميره ..إن كان له ضمير هو الآخر !
وتذكرت أن الكلام مع مثله ..لن ينفع .. فلم تعمل ( المحترمة) التي معه ما عملت إلاَّ بعد قناعة تامة من الطرفين !!
أعلن قائد الطائرة عن الاستعداد للهبوط في مطار ( القاهرة ) . انحنت المحترمة ! وفتحت حقيبتها السوداء ؛ووضعت فيها الملابس السوداء! ؛ وأخرجت زجاجة صفراء مملؤة بالعطر ! ورشَّت بها جسمها وعنقها ؛ وما تحت شعرها المتدفق على كتفيها كالليل البهيم ! ثم أعادتها إلى الحقيبة .
و( الثور) ! بجوارها لم يحرك ساكناً؛ بل دسَّ رأسه في (جريدة) دولية ؛ وسمَّر رأسه في الصفحة الرياضية ؛ ونام ! رحمه الله ! .
نزلنا واحداً تلو الآخر ؛ من سلم الطائرة ؛ إلاَّ هما فقد أدركتهما في هذه اللحظة الطيبة نفحة من الحب القاتل ؛ فتأبط ذراعها أمام الناس ؛ ونزل الحبيبان ! بكل هدوء ؛ ليتجها إلى (.. البر والتقوى ؛ ومن العمل مايرضى)!.
* * *
بعد وصولي ؛ اتجهت برفقة دليلٍ أمينٍ جدّ أمينٍ !؛ إلى فندق يصلح لمثلي ؛ فشرطي الوحيد لدليلي الهمام ! أن يوصلني فندقاً محترماً ؛ تحتشم فيه العذراى ! .
دخلنا الفندق ؛ ووضعت في يد الدليل ؛ ما قسم الله ؛ رفع يده إلى جبينه وأنزلها إلى فمه ؛ تعبيراً عن الشكر والامتنان ؛ قرنها بكلام معتاد سمعت مثله كثيراً في (التلفزيون ) وأنا صغير!.
وقفت أمام مكتب الاستقبال ؛ دفعت للموظف ( إثبات هويتي)!؛وطلبت منه أن يحجزلي (غرفة ) لمدة شهر ؛ المدة المقرر حضورها في الجامعة كل فصل دراسي ؛ أخرجت أوراقي كي أرتبها أثناء قيام الموظف بحجز الغرفة ؛ كسباً للوقت ؛ فلما انتهى دفعت إليه مبلغاً من المال( عربوناً ) لنـزلي ضيفاً عليهم .
كدت أنصرف إلى غرفتي ؛ إلاَّ أنه لفت نظري ؛ قدوم فتاتين ؛ تلبسان ثياباً ؛ تصل إلى فوق الركبة بـ..ـكثير! لا تدفء من برد ؛ ولا تستر عورة؛ أظن أعمارهما دون العشرين ؛ في وجوههن سُمرة جميلة ؛ تضرب شعورهن إلى ما تحت خط الاستواء ! اتكأت إحداهن على حافة مكتب الاستقبال ؛ بطرف أناملها ؛ وأدنت رأسها من رأس الموظف إلاَّ قليلاً ! قذفت في وجهه كلاماً ؛ انفجر ضاحكاً ؛ وفتح لها باباً على الضحك فانطلقت هي الأخرى بضحكات دوّت لها قاعة الفندق ؛ وتطوعت زميلتها فشاركتها فرحتها !
أدهشني الموقف ؛ وبدافع الفضول ؛ سألت الموظف: من هؤلاء؟!
-قال لي (.. دول بنات بلدك .. من السعودية يعني )! وابتسم ابتسامة لها مغزى.
- (جف لساني في فمي) ؛ وماذا يفعلن هنا ؛ هل يسكنَّ بالفندق ؟!
- ردّ بخُبثٍ ظاهر (لا ..ولكن يترزقن الله )!
أحسست أن الفندق كله يدور بي .. وشعرت أن سيفاً أدخله ذلك الموظف في كبدي ؛ بل في أعماق قلبي . لم أعِ نفسي إلاَّ ودموعي تخرج من عينيَّ بالقوة؛ من شدة القهر ؛ رأى الموظف المشهد ؛ ولم أُرِد له رؤيته ؛ فتكلم :
- ( يا شيخ .. مايهمكش .. دول هنا كتير في إجازة الصيف .. وانت مالك انته ؟!)
أنا مالي ؟! عجيب ..! أنا غيور على من لايغار على دينه ؛ ولا على عرضه ؛ ولا على وطنه أن يدنِّس سمُعته العطرة التي حملها للأرض كلها أذآنٌ خالدٌ ينبعث من جوانب الحرمين في كل يوم خمس مرات . أنا مالي ؟! أنا لست تمثالاً ولاقلبي حجر.!
أنا مسلم!! لا أرضى لحرمات الله أن تنتهك أمامي وأنا أنظر كالخشبة الواقفة.
لا .. لا أريد لا ماجستير ولا دكتوراه .. ولا خزي ولا عار!
أريد أن أرى كعبة الإسلام التي بالثوب طول زمانها تتسترُ ..أملأُ عيني منها ..
أنا مالي ؟! أنا لي قلب أحس به سيخرج من بين ظلوعي !
قال : فلم تحملني رجلاي وأحسست وكأنها مسمرة في بلاط الفندق .
طلبت نقودي ؛ وإثبات هويتي ..
- (أيه .. حصل أيه ..).
لم أتكلم إلاَّ رمزاً بيدي؛ مدَّ لي ما طلبتُ بامتعاض شديد ؛ حملت حقيبتي ..
- (ما قلتليش حصل أيه بس )..
لم أرد عليه ؛ توجهت إلى المطار ؛ وقلبي تقطر منها الدماء الغزيرة ! أخفي دموعي عن الناس ..
بحثت عن دليل ؛ ليعيرني عينيه لأرى بهما طريق المطار فلم أجد !
* * *
قال .. وعاد ( سعود ) بقلب جريح مما رآه .
قلت : أتسمح لي بكتابة قصته ؟!!
قال : نعم ؛ ولكن لا تذكر اسمه الصريح !
قلت : نعم! لك ذلك .