منتديات الحزين فلسطين

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات الحزين فلسطين

مرحبا بكم في منتديات الحزين فلسطين


2 مشترك

    القضاء والقدر أرجو التثبيت

    avatar
    سهم الصواب
    المشرف العام
    المشرف العام


    الدولة : فلسطين
    ذكر
    عدد المساهمات : 6
    نقاط : 16
    تاريخ التسجيل : 17/01/2011
    العمر : 33

    القضاء والقدر أرجو التثبيت Empty القضاء والقدر أرجو التثبيت

    مُساهمة من طرف سهم الصواب الإثنين فبراير 07, 2011 6:50 am

    [size=18]
    [center]القضاء والقدر

    [color=white]قال تعالى في سورة آل عمران (وما كان لنفس أن تموت إلا بأذن الله كتابا مؤجلا ) 145 ، وقال في سورة الأعراف ( ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ) 34 ،وقال في سورة الحديد ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ان ذلك على الله يسير ) 22
    وقال في سورة التوبة ( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) 51.وقال في سورة سبأ ( لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين)3
    وقال في سورة الأنعام ( وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون)60
    وقال في سورة النساء ( وان تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وان تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ) 78.هذه الآيات وما شاكلها من الآيات يستشهد بها الكثيرون على مسألة القضاء والقدر استشهادا يفهم منه أن الإنسان يجبر على ما يقوم به من أعمال، وأنه يقوم بها ملزما بإرادة الله ومشيئته ، وأن الله هو الذي خلق الإنسان وخلق عمله ، ويحاولون تأييد قولهم بقوله تعالى ( والله خلقكم وما تعملون ) [1]كما يستشهدون بأحاديث أخرى كقوله r :
    ( نفث روح القدس في روعي ، لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها وما قدر لها)[2].


    القضاء والقدر .

    لم يأت هذين اللفظيين مقرونين مع بعضهما ( القضاء والقدر ) لا في الكتاب ولا في السنة ولا نطق بهما الصحابة ولا التابعين ولا كانت معروفة في أيامهم، وإنما هي مسألة من مسائل الفلسفة اليونانية ، التي انتقلت إلى المسلمين بعد ترجمة كتب الفلسفة اليونانية إلى العربية ، فاطلع عليها المسلمون وأرادوا أمرا يعرفوا رأي الإسلام فيها .

    ومسألة القضاء والقدر التي بحثها اليونانيون تتعلق بأفعال العباد وما يتولد عنها من خاصيات ، كفعل الضرب الذي يتولد عنه الألم وفعل الطعن الذي يتولد عنه الجرح إنكار القتل ، هل خلقها الله أم الإنسان ، وأطلقوا على هذه المسألة مسميات أخرى هي (الجبر والاختيار) و(حرية الإرادة )

    وانقسم الفلاسفة إلى فريقين :

    1. الابيقوريون ، يرون ان الارادة حرة ، أي ان الإنسان حر الإرادة ، وهو يخلق أفعاله بنفسه ويخلق ما يتولد منها .

    2. الرواقيون ، يرون أمرا الإنسان لا إرادة له ، ولا حرية اختيار للإنسان في أعماله وما يتولد عنها .

    ولما أطلع المسلمون على تلك المسألة درسوها كمسألة علمية لا كمسألة فلسفية ، وطبق المعتزلة نظرياتهم في العدل عليها ،وبحثوها منطقيا واعتمدوا على الأدلة العقلية والمنطقية ثم جعلوا الآيات تسند أدلتهم فقالوا :
    *أمرا أفعال العباد مخلوقة لهم ومن عملهم لا من عمل الله ، ودليل ذلك ما يشعر به الإنسان من التفرقة بين الحركة الاختيارية والحركة الاضطرارية كحركة اليد العادية وحركتها الارتعاشية ، فالحركة الاختيارية مرادة للإنسان وهي في مقدوره بخلاف الحركة الاضطرارية التي لا دخل له بها .
    *لو لم يكن الإنسان خالقا لأفعاله لبطل التكليف ولتناقض ذلك مع عدالة الله المطلقة ،لان كونه عادلا يقضي عدم خلقه لأفعال الإنسان إذ كيف يخلق فعل الشر ويعاقب عليه .

    • ولذلك اعتبروا الإنسان خالقا لأفعاله وما يتولد عن الأفعال من خواص الأشياء كالألم المتولد عن الضرب ، كما اعتبروا الإنسان حر الإرادة فهو يريد الخير فيفعله ويريد الشر فيفعله ،
    • أمرا الله يريد الخير ويأمر بالطاعات ولا يريد الشر ولا يأمر بالمعاصي واستدلوا على ذلك بالقضايا المنطقية فوضعوا مقدمات منها
    أمرا مريد الشر شرير
    أمرا مريد الخير خير
    أمرا مريد العدل عادل
    أمرا مريد الجور جائر
    ثم وضعوا مقدمات أخرى هي
    أمرا الله يتصف بالعدل والخير وينتفي عنه الجور والشر
    ثم توصلوا إلى نتائج هي :
    أمرا الله لا يريد الجور والشر ولا يأمر بهما
    أمرا الله يريد العدل والخير ويأمر بهما
    ثم رتبوا على ذلك نتائج أخرى هي :
    أمرا الله لم يخلق أفعال العباد لا خيرا ولا شرا ، وأن إرادة الإنسان حرة وهو يخلق أفعاله وما يتولد عنها من خصائص .
    لهذا يثاب على الخير ويعاقب على الشر .
    ثم جعلوا الآيات تسند آرائهم فاستدلوا بقوله تعالى ( وما ربك بظلام للعبيد )[3] وقوله ( وما الله يريد ظلما للعباد )[4] وقوله ( ومن يعمل سوءا يجز به)[5] .

    وبهذا أعطى المعتزلة رأيا جريئا في مسألة تتعلق بالعقيدة فثارت ثائرة العلماء الآخرين ، وردوا عليهم بنفس طريقتهم ، أي باستعمال الأدلة العقلية والمنطقية وأتبعوها بآيات من القرآن الكريم وانقسموا إلى

    فريقين : الجبرية وأهل السنة .

    1-الجبرية ، قالوا أمرا الله خلق الإنسان وخلق أفعاله وما يتولد منها واستدلوا على ذلك
    بقوله تعالى ( الله خالق كل شيء )62 الزمر، 16 الرعد
    وقوله ( خلق كل شيء فقدره تقديرا ) 2 الفرقان
    وقوله ( والله خلقكم وما تعملون ) 96 الصافات
    وقوله ( وربك يخلق ما يشاء ويختار ) 68 القصص
    فافعال الإنسان تقع بقدرة الله وليس للإنسان أي تأثير فيها ، ونسبة الأفعال إلى الإنسان مجازا فليس له إرادة حرة ولا قدرة له على خلق أفعاله ، وقالوا أمرا الله مريد لجميع ما كان وغير مريد لما لم يكن ولا يقع في ملكه إلا ما يريد ، فالإنسان مجبر على فعله وليس مخير ، وهو كالريشة في مهب الرياح واستدلوا بقوله تعالى (فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) 17 الأنفال.

    2-أهل السنة ، قالوا أمرا الله خالق كل شيء والعبد كاسب ، وبينوا ذلك بقولهم أمرا صرف العبد قدرته وإرادته إلى الفعل كسب ، وإيجاد الله الفعل عقب ذلك خلق، فالفعل داخل تحت القدرتين قدرة الله وقدرة الإنسان ، أي أمرا الله خلق الفعل عند قدرة العبد وإرادته لا بقدرة العبد وإرادته ، وهذا الاقتران بين خلق الله الفعل وبين قدرة العبد وإرادته هو الكسب ، وأيدوا دليلهم العقلي على الخلق ، بقوله تعالى ( الله خالق كل شيء )62 الزمر، 16 الرعد
    وقوله تعالى ( والله خلقكم وما تعملون ) 96 الصافات
    وأيدوا دليلهم العقلي على الكسب
    بقوله تعالى ( لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) 286 البقرة
    وقوله ( جزاءا بما كانوا يعملون ) 24 الواقعة
    وعلى هذا للعباد أفعال اختيارية يثابون عليها أمرا كانت خيرا ، ويعاقبون عليها أمرا كانت شرا.
    استخدم المعتزلة التفكير المنطقي ، ما هو التفكير المنطقي ؟ وما ضرره على الفكر ؟ انظر ملحق رقم (1)
    أساس البحث هو الثواب والعقاب .

    هذا مجمل آراء الفرق الإسلامية ، والحق انهم أخطئوا في بحثهم حين خلطوا في البحث بين موضوعين ، موضوع صفات الله وموضوع الثواب والعقاب.
    لقد بحثت الفرق الإسلامية القضاء والقدر على أساس البحث في صفات الله ، وهذا بحث خاطئ ، لان بحث القضاء والقدر ليس بحثا في صفات الله من حيث كونه خالقا ، فيبحث هل خلق فعل الإنسان أم أمرا الإنسان هو الذي خلق فعله ؟ ولا بحثا في صفة العلم ، فيبحث هل يعلم الله أمرا العبد سيقوم بالفعل أم لا؟ وهل علم الله يجبر الإنسان على القيام بالفعل أم لا ؟ وليس بحثا في صفة الإرادة ، هل تعلقت إرادة الله بفعل العبد أم لا ؟ وليس بحثا في كون أعمال الإنسان مكتوبة في اللوح المحفوظ فلا بد أمرا يقوم بالعمل وفق ما هو مكتوب .

    ان البحث بهذه الأمور هو بحث في صفات الله ، وصفات الله لا تبحث عقليا ، لان البحث في الصفات بحث في الذات الإلهية ، وذات الله لا تبحث عقليا،أيها لا تقع تحت حس الإنسان، وبالتالي لا يستطيع العقل إدراكها ، فكيف يدرك صفات الله، تعال الله عن ذلك علوا كبيرا .

    ان صفات الله تؤخذ من الأدلة النقلية المقطوع بصحتها ، أي من القرآن الكريم والأحاديث المتواترة ، ونأخذها كما وردت دون بحث عن كيفيتها ، فنؤمن أمرا الله سميع ولا نبحث عن الكيفية التي يسمع بها ونؤمن أمرا الله بصير ولا نبحث في كيفية ذلك إنكار صورته ، وقد دلت الأدلة السمعية على هذه الصفات ، فمن الأدلة على علمه سبحانه قوله ( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر) 59 الأنعام
    وقوله ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)14 الملك
    أما قوله تعالى ( ان ربك فعال لما يريد )[6] فدليل على الفعل والإرادة
    وقوله ( الله خالق كل شيء )[7] الرعد ،دليل على الخلق
    وقوله ( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا )[8] دليل على الكتابة في اللوح المحفوظ.

    فهذه الآيات وغيرها نأخذها كما وردت دون بحث في كيفياتها ونقول كما قال الإمام مالك عندما سئل عن كيفية الاستواء الواردة في قوله تعالى ( ثم استوى على العرش)[9] فقال : الاستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة).
    وصفات الله تحتاج إلى أدلة قطعية أيها جزء من العقيدة التي يجب أمرا تكون أدلتها قطعية.

    أمرا أساس البحث في القضاء والقدر هو الثواب والعقاب على الفعل وليس خلق الفعل ولا إرادته ، فالخلق والإرادة صفتان من صفات الله ، وبحثهما إنما يكون في الصفات ولا علاقة لهما في بحث أفعال العبد من حيث الثواب والعقاب ، فان صفات الله يحث آخر غير إثابة العبد على فعله وعقابه عليه ، بل هما منفصلان كل الانفصال موضوعا واستدلالا، فموضوع صفات الله هو ما تتصف به الذات الإلهية من العلم والإرادة والحياة والسمع والبصر والخلق والكلام إلى غير ذلك ، وموضع الثواب على الفعل والعقاب عليه هو ما يستوجبه ذلك الفعل من جزاء ، والدليل على صفات الله هو البرهان على إثباتها لله، ثم أمرا الدليل على الصفات ليس كالدليل على وجود الله ووحدانيته يؤخذ عقلا ، وإنما يؤخذ سمعا ، لان العقل حتى يحكم على الشيء لا بد أمرا يكون محسوسا لديه حتى يتأتى وجود العملية العقلية ، فصفات الله لا تقع تحت الحس فلا يمكن للعقل أمرا يدركها وبالتالي لا يمكن أمرا يقيم عليها الدليل ، فيوقف فيها عند حدود النص القطعي الذي يثبت كونه قطعيا بالعقل ، فلا مجال للعقل في موضوع إقامة البرهان على الصفات وبالتالي لا مجال للتفريع على ما يتصوره العقل من هذه الصفات ، وأما الدليل على الثواب والعقاب فهو النص الذي يتضمن أمرا وجود الثواب على الفعل والعقاب عليه في النص ، وليس إقامة البرهان عليه ، ثم انه لو كان دليلا لاقامة البرهان عليه فان إقامة برهان على ثواب وعقاب لا على صفة من صفات الله . ولهذا كان الموضوعان منفصلين تمام الانفصال ، فالخلط بينهما وجعل هذا الخلط أساس البحث كان خطأ ، فنتج عنه الخطأ في مفهوم القضاء والقدر ، ولو جعل أساس البحث الثواب والعقاب لما كان هذا الجدل ولما وجد هذا الرأي.
    نعم يجب أمرا يكون البحث في القضاء والقدر منطلقا من البحث في الثواب والعقاب لان هذا هو المراد من معرفة هل الإنسان حر الإرادة أم مجبر؟ وهل هو مسير أم مخير ؟ وتهدف هذه الأسئلة لمعرفة متى يثاب ومتى يعاقب ؟ هل يثاب إذا اختار الآية وهل يعاقب إذا اختار الكفر ؟ أما البحث في صفات الله ليس له علاقة بموضوع الثواب والعقاب ، وإنما له علاقة في الإيجاد والعلم المحيط بكل شيء ، والإرادة التي تتعلق بجميع الممكنات ، واحتواء اللوح المحفوظ على كل شيء ، وهذه العلاقة موضوع آخر منفصل عن موضوع الثواب والعقاب الذي يهم الإنسان ويدفعه للقيام بالأعمال إنكار الإحجام عنها.
    لهذا يجب أمرا يبحث موضوع القضاء والقدر على أساس الثواب والعقاب ، هل يثاب العبد على فعل الخير ويعاقب على فعل الشر ؟وهل هو مسير أم مخير ؟ وهل له قدره على اختيار الفعل والترك أم لا ؟.

    يولد بعض الناس بإعاقات منها العمى إنكار الصمم إنكار الشلل ويولد الآخرون بالصحة والعافية ، ويعيش البعض فقيرا والبعض غنيا ، ويدين البعض بالإسلام والبعض الآخر بالكفر ، والمسلمون منهم الملتزم بأحكام الله ومنهم العاصي ، فهل هؤلاء مسيرون أم مخيرون ، وهل اختار كل منهم الوضع الذي هو فيه والحالة التي يعيش فيها ؟

    أمرا المدقق في أفعال الإنسان يجد انه يعيش في دائرتين ، دائرة تسيطر عليه وهو فيها مسير ، ودائرة يسيطر عليها وهو فيها مخير ، ويقع ضمن الدائرة الأولى الأفعال التي لا دخل للإنسان بها سواء وقعت منه إنكار عليه ، كمن يقتل إنسانا خطئا إنكار يصيبه مرض ، أما الدائرة الثانية فيقع ضمنها تصرفات الإنسان وأفعاله التي يقوم بها بمحض اختياره ، وتفصيل ذلك ما يلي :

    الدائرة التي تسيطر على الإنسان (القضاء ) .

    ويقع ضمن هذه الدائرة أفعال لا دخل للإنسان بها ولا شأن له بوجودها ، وهذه الأفعال على قسمين هما :

    1. قسم يقتضيه نظام الوجود بمعنى أمرا هناك أفعال تقع من الإنسان إنكار عليه جبرا عنه ويسير معها سيرا جبريا أيها سنن لا تتخلف ، لأنه يسير مع الكون ومع الحياة وفق نظام مخصوص لا يتخلف ، وهو فيها مسير وليس بمخير ، فقد أتى إلى هذه الدنيا على غير إرادة منه وسيرحل عنها على غير إرادة منه أيضا ، ولا يستطيع أمرا يطير بجسمه فقط في الهواء أي من غير واسطة ، ولا أمرا يمشي بوضعه الطبيعي على الماء ، ولا يمكن أمرا يخلق لنفسه لون عينيه إنكار يحدد جنسه وطوله ، ولم يختر والديه إنكار أقاربه ، وإنما الذي أوجد ذلك كله هو الله تعالى دون أمرا يكون للعبد المخلوق أي أثر ولا أية علاقة في ذلك ، لان الله هو الذي خلق الوجود ونظامه ، وجعل الوجود كله يسير حسب هذا النظام ولا يتخلف عنه ، ولا يحاسب الإنسان على الأفعال في هذه الدائرة . لان الله هو الفاعل على وجه الحقيقة ، ولا فاعل لهذه الأفعال إلا الله .

    2-قسم لا يقتضيه نظام الوجود ، ولا يستطيع الإنسان له دفعا ولا ردا ، كالأفعال التي تقع منه إنكار عليه ولا إرادة له فيها ، فهي تحصل جبرا عنه ولا إرادة له فيها ، كما لو سقط شخص عن ظهر حائط على شخص آخر فقتله ، وكما لو أطلق شخص النار على طائر فأصابت إنسانا لم يكن يعلمه فقتله ، إنكار كحوادث السير التي تقع من السائق من غير إهمال منه إنكار تعد ،وكما لو تدهور قطار إنكار سيارة إنكار سقطت طائرة لخلل طارئ لم يكن بالإمكان تلافيه فتسبب عن هذا التدهور والسقوط قتل الركاب ، وما شاكل ذلك ، فالقاتل في هذه الأمثلة وقع منه الفعل والمجني عليه وقع عليه الفعل ، وهذه الأفعال وقعت من الإنسان إنكار عليه جبرا عنه ، وهي ليست من نظام الكون ، أي ليست سننا ثابتة لا تتخلف ، وإنما هي حوادث قد تحصل إنكار لا تحصل ، وليست في مقدور الإنسان، فلم يقصد فعلها فهي داخلة في الدائرة التي تسيطر عليه .

    يتبين لنا أمرا الأفعال السابقة كلها تقع ضمن الدائرة التي تسيطر على الإنسان ، فهو مسلوب الإرادة فيها ، لا يختار شيئا ولا يريد الإيمان، وهذه الدائرة التي تسيطر على الإنسان تسمى قضاء ، أي أمرا الله قضى على الإنسان أمرا تقع له مثل تلك الحوادث ، فهذه الأفعال حتمية الحدوث لا تنفك عنه مهما حصل .

    ومعنى القضاء : أمرا لا فاعل للفعل إلا الله ، ذلك أمرا لكل فعل فاعل ، وما دام قد ثبت أمرا الإنسان لم يقم بالفعل وان الفعل لا بد له من مصدر ، فيجب أمرا نؤمن أمرا الله هو الفاعل الحقيقي وان لا فاعل إلا هو .
    ولا يحاسب الإنسان على الأفعال التي تقع في هذه الدائرة لانعدام إرادته فيها .

    والأفعال ضمن هذه الدائرة بنوعيها سواء أكانت أفعال يقتضيها نظام الوجود (سنن ثابتة)، وأفعال لا يقتضيها نظام الوجود (أفعال غير ثابتة ) ، هذه الأفعال قد يفسرها الإنسان خيرا إنكار شرا فإذا حصل له منها نفع فسرها بالخير وإذا أدت إلى ضرر فسرها بالشر ، كمن يولد في عائلة غنية فيعتبر ذلك انه خير لان الغنى ينفعه في الحصول على ما يريد ، أما إذا ولد في أسرة فقيرة اعتبر ذلك شرا ، وكذا إذا أصابه العمى إنكار المرض يحكم على ذلك بالشر ، ويرجع الإنسان في حكمه على الأفعال بالخير إنكار الشر حسب ما يصيبه من نفع إنكار ضرر هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يحكم على الأفعال بأنها خير إنكار شر حسب ما يشعر به من حب إنكار كراهية ، فيحكم على الأفعال التي توافق مزاجه أو ذوقه بأنها خير والأفعال التي تخالف مزاجه أو ذوقه بأنها شر، هذا هو تفسير الإنسان للخير والشر، فهو يفسر الخير والشر حسب ما يجلبه الفعل من نفع له إنكار ضرر إنكار حسب ما يوافق مزاجه وطبعه إنكار ذوقه ويخالفهما ، والمزاج له علاقة بما تعود عليه إنكار له علاقة بميوله الفطرية ، فهل حكم الإنسان هذا صحيحا ؟ أمرا الحقيقة غير ذلك قطعا لان الله وحده هو الذي يعلم الخير والشر في هذه الأفعال ، والإنسان لا اثر له بها ولا يعلم عنها ولا عن كيفية إيجادها ، ولا يملك دفعها ولا جلبها مطلقا، فقد تكون ولادة الإنسان أعمى إنكار معوقا خيرا له وليس شرا ، لان الله وحده يعلم أمرا هذا العمى إنكار تلك الإعاقة قد تكون سببا في دخوله الجنة ونجاته من النار ، وقد يكون الغنى إنكار القوة سبب لدخوله نار جهنم، فالعبرة بمصير الإنسان في الآخرة ، وهذه النهاية لا يعلمها إلا الله ، فهو وحده الذي يعلم اثر هذه الأفعال في الإنسان وما ينتج عنها من خير إنكار شر ، وإذا رجعنا إلى قصة سيدنا موسى عليه السلام مع العبد الصالح وجدنا أمرا كثيرا من الحوادث التي تقع للإنسان والتي يفسرها البشر بأنها شر هي في حقيقتها خير حسب علم الله ، وعلينا الإيمان بان الأفعال التي تقع جبرا عن الإنسان دون إرادة منه أو اختيار هي قضاء من الله تعالى وهو حتمي الوقوع لا راد له وان هذا هو القضاء وانه من الله سبحانه وتعالى .
    القدر .

    أما القدر المتعلق بقضية القضاء والقدر فهو الخصائص التي أودعها الله في الأشياء كخاصية الألم نتيجة الضرب ، والبرودة في الثلج ، والحموضة في الليمون والحلاوة في السكر ، فهذه الخاصيات أو المتولدات من الأفعال هي من الله تعالى خلقها ولا دخل للإنسان فيها ، وهي صفات لازمة حسب نظام الوجود ، وإذا تخلفت يكون الله قد سلبها من الأشياء ، وهذا خرق للعادة ، ولا يحصل إلا للأنبياء، كما حصل مع سيدنا إبراهيم عليه السلام ، إذ سلب الله خاصية الإحراق من النار التي القي فيها ، قال تعالى :
    ( قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم )[10] ، ومن هذا القبيل معجزات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .
    وكما حصل مع سيدنا موسى عليه السلام فقد سلب الله سبحانه وتعالى من العصا خاصية الجماد ووضع فيها خاصية الحياة ، وكما حصل مع سيدنا عيسى عليه السلام ، فقد أعاد الله على يديه الحياة إلى الموتى .

    خلق الله الأشياء والأفعال وخلق لها خصائصها :

    الأشياء والأفعال
    خصائصها
    النار
    الضرب
    الليمون
    السكر
    ملح الطعام
    العين
    الاذن
    إلقاء الحبة في الأرض والعناية بها
    الإحراق
    الألم
    الحموضة
    الحلاوة
    الملوحة
    الأبصار
    السمع
    إنبات النبات

    كما خلق الله في الأشياء والأفعال خصائص فقد خلق أيضا في الإنسان الغرائز والحاجات العضوية ، وجعل فيها خاصيات مثل خاصيات الجوع والعطش في الحاجات العضوية ، وخاصيات الميل الجنسي والحنان والعطف والشفقة في غريزة النوع ، وخاصيات الكرم والبخل والشجاعة والجبن والخوف والأثرة والإيثار في غريزة البقاء ، وخاصيات التقديس والعبادة والاحترام والتقدير في غريزة التدين .

    الإنسان خاضع للخاصيات

    وهذه الخاصيات أوجدها الله تعالى وجعلها لازمة حسب سنة الوجود، فهي من خلق الله ولا أثر للإنسان فيها ، وهو يشعر بالجوع والعطش والخوف من غير إرادة منه ، فلو كانت هذه الخاصيات من إيجاده وخلقه لما حدث هذا . ولو كان للإنسان يد في إيجاد هذه الخصائص لأوجدها في أي لحظة وبالكيفية التي يريد، كأن يغلي الماء على درجة عشرة بدلا من درجة 100 مؤية ، او يخرج شجرة تفاح من بذرة عنب .وهذه الأشياء قابلة لان يستخدمها الإنسان في الخير والشر فمثلا يستخدم الإنسان النار لطهي الطعام أو لحرق إنسان ، أو يستخدم الدواء في شفاء المريض أو في هلاكه .
    فالإنسان خاضع لهذه الخاصيات مجبر عليها ولا علاقة له في إيجادها وعدمها، وكل أعمال الإنسان في الحياة من اختراعات واكتشافات إنما يكون بالتفاعل مع الخصائص ومعرفتها وتسخيرها في إيجاد أشياء جديدة وفق هذه الخاصيات، وهذه الخصائص تسمى القدر وهي من خلق الله سبحانه وتعالى وليس للإنسان دخل فيها فالله سبحانه وتعالى خلق الغرائز في الإنسان وخلق فيها خصائصها وخلق الحاجات وخلق خصائصها .

    وهذه الخصائص الموجودة في الأشياء والإنسان قابلة لأن تستخدم في الخير أي حسب أوامر الله ، وقابلة لأن تستخدم في الشر أي بخلاف أوامر الله، فمثلا قد يندفع الإنسان لإشباع حاجته للطعام بأكل لحم الميتة، فيكون قد استخدم دافع الجوع في الشر أو يندفع لإشباع حاجته للطعام بأكل الخبز فيكون قد استخدم دافعه بالخير ، وقد يخضع منفذا أوامر الله طاعة له فيكون قد استخدم دافع الخضوع لديه بالخير ، أو يخضع لأوامر البشر عاصيا لله فيكون قد استخدم دافع الخضوع في الشر ، وقد يشبع حب السيادة والسيطرة لديه فيما يرضي الله فيكون خيرا وقد يشبعها بظلم الناس فيكون شرا . وقد يستخدم خاصية الكهرباء في صعق إنسان وقتله فيكون قد استخدم هذه الخاصية في الشر ، بخلاف ما لو استخدمها في إدارة مصنع فيكون قد استخدمها في الخير .
    إلا أن هذه الخاصيات لا تجبر أحدا على استخدامها في الخير أو الشر ، وعلى هذا نؤمن بالقدر خيره وشره من الله تعالى ، وهذا هو القدر . أي نؤمن بان الله الذي خلق الأشياء هو الذي خلق خصائصها ، وليس للإنسان يد في هذه الخصائص .

    القضاء والقدر .

    مما سبق يتبين لنا انه يجب أن نؤمن بان الأفعال التي تقع على الإنسان أو منه ضمن الدائرة التي تسيطر عليه هي من الله تعالى سواء كانت خيرا أو شرا ، ويجب أن نؤمن أن القضاء خيره وشره من الله ، فاجل الإنسان ورزقه وعمره وصحته ومرضه كل ذلك من الله تعالى ، وما يقع عليه جبرا عنه من قتل أو قهر أو حرق مما لا يمكن له دفعه أو التخلص منه هو قضاء من الله خيرا كان أم شرا . سواء عرف أن ما حدث له كان خيرا أم شرا ، فالله اعلم بالخير والشر في مثل هذه الحالات ، فولادة شخص ما أعمى يفسرها بالشر ، ولكن العمى قد يكون سببا في دخول الإنسان الجنة إذا صبر على ذلك واحتسبه لله.
    و ما يتولد من هذه الأفعال هي نفسها الخصائص التي أوجدها الله في الأشياء التي استخدمها الإنسان في الفعل كانعدام الحياة عند القتل أو وجود الألم عند الضرب فهذه الخصائص كامنة في الأشياء ويظهر أثرها عند حدوث الفعل ، وهي من خلق الله ، سواء أنتجت خيرا أم شرا .
    كما إن الخصائص الموجودة لدى الإنسان كحب السيادة أو حب التملك أو الشعور بالجوع أو العطش أو التعب كلها من الله ، وعلى هذا نؤمن أن القدر بيد الله ، أي أن الخصائص التي أوجدها الله في الإنسان هي من خلق الله سواء أنتجت خيرا أم شرا، فحب التملك ينتج خيرا عندما يمتلك المسلم ماله على وجه مشروع ، وينتج شرا إذا امتلكه بطرق غير مشروعة ، وكذا خاصية العطش تنتج خيرا إذا أطفأ عطشه بشرب الماء، وتنتج شرا إذا شرب الخمر. وخاصية الخوف تنتج خيرا إذا أطاع الله خوفا من عذابه وتنتج شرا إذا عصى الله خوفا من عبادة .

    وهذه هي قضية القضاء والقدر .

    الدائرة التي يسيطر عليها الإنسان ( الإنسان مخير )

    تحدثنا فيما سبق عن الدائرة التي تسيطر على الإنسان ، وهو فيها مسير ، وفيها يقع القضاء .

    أما الدائرة الثانية فهي التي يسيطر عليها الإنسان ، وهي التي تقع فيها الأعمال التي تقع منه أو عليه بإرادته ، فهو يأكل ويشرب وينام ويسافر ويصلي ويؤمن ويكفر بإرادته وحريته واختياره ، كما يطلب من الآخرين أن يوقعوا عليه أعمالا بإرادته كمن يذهب إلى الطبيب ليجري له عملية جراحية أو يقلع له سنا ، وهو يختار شريعة الله ليطبقها في حياته أو يختار الرأسمالية كنظام ينظم بها حياته ، وهو يستخدم خواص الأشياء أو يمتنع عن استخدامها وقت ما يشاء فيضرب أحدهم بحجر مثلا أو يطلق النار عليه أو يدهمه بسيارة، كما انه يشبع جوعاته وخصائصه وقد يمتنع عن إشباعها ، فقد يشبع الرغبة في التملك أو الشجاعة أو العطف أو الشفقة أو يشبع رغبته في الشراب أو اللباس وقد يمتنع عن إشباع هذه الرغبات ، كل ذلك يتم بإرادته وحريته واختياره ، ولذلك يحاسب الإنسان على أعماله في هذه الدائرة ثوابا وعقابا .

    خلق الله الخاصيات في الأشياء وجعلها لازمة لها ، ولهذه الخاصيات الأثر في نتيجة الفعل ، وحتى تؤثر الخصائص في نتيجة الفعل لا بد من توفر شروط معينة، فمثلا حتى يغلي الماء لا بد من توفر حرارة عالية تستطيع أن تسخن الماء ليصل إلى درجة 100 مئوية ، وحتى يصبح كوب الماء حلو المذاق لا بد من وضع كمية مناسبة من السكر ، وهذه الخواص من شأنها أن تؤثر في نتيجة الفعل وتحقق النتائج المطلوبة كخاصية الإحراق في النار التي تؤدي إلى طهو الطعام ، وخاصية الأجسام الطافية في الماء تمكن الإنسان من ركوب السفن وقطع المسافات ، وكذلك الخصائص التي قدرها الله في الإنسان وهي الغرائز والحاجات العضوية جعلها لازمة ، ولها الأثر في نتيجة الفعل . فدافع الحنان لدى الأم يدفعها للعناية بالطفل ، ودافع الجوع لدى الإنسان يدفعه للبحث عن الطعام ، وحب السيادة والسيطرة لديه يدفعه للقيام بأعمال من شأنها تمكنه من قيادة الناس والسيطرة عليهم ، والشعور بالعجز والاحتياج إلى الخالق له الأثر في الإيمان وعبادة الله وهكذا

    هذه الخصائص كامنة تدفع للإشباع وتحقق الإشباع فلا تحدث عملا ، بل الإنسان هو الذي يحدث العمل إذا استخدمها ، فعود الثقاب مثلا إذا تعرض للاحتكاك يشتعل نارا وهذه خاصية لازمة فيه ، ولكن العود لا يتحرك لوحده ليحترق .وخاصية الجوع مثلا لا تحدث عملية الأكل ، إنما الإنسان هو الذي يلبي هذه الحاجة فيأكل وتحدث عملية الأكل ، وقد يمتنع عن الأكل كأن يصوم أو يضرب عن الطعام ، وقد يتناول الطعام حالا أو يؤجله إلى حين ، فلا تحدث عملية الأكل لوحدها وإنما الإنسان قام بها ، وخاصية التملك لا تحدث عملية التملك ، وإنما الإنسان هو الذي يقوم بعملية التملك أو يتركها بإرادته وحريته واختياره .

    هذه الخاصيات فيها قابلية لأن يعمل الإنسان خيرا أو شرا ، فالميل الجنسي فيه استعداد لان يستخدم في الخير أو الشر، فإذا اشبع الإنسان ميله الجنسي بالزواج فعل الخير، وإذا أشبعه بالزنا فعل الشر ، فالإنسان هو الذي قام بفعل الخير أو الشر وليست الغريزة، وحب التملك يستخدم في الخير أو الشر ، فإذا اشبع الإنسان دافع التملك عن طريق السرقة فعل الشر وان أشبعه عن طريق العمل المباح أو الهدية فعل الخير، فالذي فعل الخير والشر هو الإنسان ، وهكذا بقية الخصائص فان استخدمها حسب أوامر الله فقد استخدمها في الخير ، وان استخدمها بخلاف أوامر الله فقد استخدمها في الشر، فالذي فعل الخير والشر هو الإنسان وليست الغريزة أو الحاجة .
    فالحاجة والغريزة تتطلب الإشباع بأي طريقة مهما كان نوعها ، ولا تحدد كيفية الإشباع ولا الخطأ والصواب ، وإنما الإنسان هو الذي يحدد كيفية الإشباع بما يحقق اللذة ويبعد الألم ، أو بما هو إشباع صحيح أم خاطئ، أو حلال أو حرام ، لان هذا الوصف خارج عن المادة وخارج عن الخصائص . وقد أعطى الله الإنسان حرية الإرادة والاختيار كما أعطاه العقل المميز القادر على التفريق بين الخير والشر قال تعالى :
    ( وهديناه النجدين )10 البلد
    وقال أيضا (ونفس وما سواها ، فألهما فجورها وتقواها )7-8 الشمس
    وكما أعطاه الله القدرة على التمييز بين الخير والشر ، بين التقوى والفجور ، فقد مكنه من اختيار أحد الطريقين:
    ( إما شاكرا واما كفورا ) 13 الإنسان
    ( قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها )9-10 الشمس
    إذا أراد الإنسان أن يفعل الخير ويسير في طريق التقوى عليه أن يلبي حاجاته وغرائزه وفق النظام الذي شرعه الله سبحانه وتعالى للبشر، فيشبع شعوره بالخوف بتعميق إحساسه بالخوف من الله سبحانه وتعالى، والقضاء على شعور الخوف من البشر باستحضار عظمة الله وشدة عذابه وانتقامه ، وان كل الآلام التي يسببها البشر له لا تساوي لحظة عذاب واحدة من رب البشر ، وأن الله هو الضار وهو النافع وان بقاءه مرتبط بنجاته من النار ودخوله في الجنة ، عندها يكون من الذين ينطبق عليهم قول الله تعالى ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم) [11]. ولا يعالج شعور الخوف بطريقة مخالفة لأمر الله فنخاف من الناس ، فهذا خوف حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم منه فقال ( لا يحقرن أحدكم نفسه اذا رأى أمر الله عليه فيه مقالا فلا يقول به، فيلقى الله وقد اضاع ذلك، فيقول: ما منعك؟ فيقول: خشيت الناس، فيقول: انا كنت أحق ان تخشى ) [12]وهكذا من استجاب لقوانين البشر ونظمهم يكون قد فعل الشر وسار في طريق الفجور ، وإذا أحس بالشجاعة فاشبع هذا الإحساس وفق أوامر الله بان يكون شجاعا في مقاتلة الكفار جريئا في قول الحق مندفعا في الدفاع عن المظلومين، وبهذا يكون قد فعل الخير وسار في طريق التقوى ، أما إذا اشبع شجاعته باستعراض عضلاته أمام الضعفاء والمقهورين وفي الاعتداء على المسلمين يكون قد فعل الشر وسار في طريق الفجور، وهكذا بقية الخصائص لديه ، فإذا استجاب لها وفق نظام الله فعل الخير فيقع منه الخير أو يقع عليه الخير ، أما إذا استجاب لها وفق نظام البشر فقد فعل الشر ووقع عليه الشر .

    ولهذا يحاسب الإنسان على أعماله التي تقع في الدائرة التي يسيطر عليها إن خيرا فخير وان شرا فشر، لأنه قام بها بإرادته واختياره ، ولم يكن مجبرا على فعل قام به ، ، فإذا استجاب لحاجاته وغرائزه وفق أوامر الله أثابه الله ، وإذا استجاب لها وهو معرض عن أوامر الله عاقبه الله ، لأنه هو الذي فعل الخير والشر ، وهو الذي اختار ان يقع عليه فعل الخير أو الشر ، ولهذا يحاسب على أفعاله في هذه الدائرة .

    وهذه الخاصيات في الأشياء والإنسان بالرغم من أن الله هو الذي خلقها ، وبالرغم من أنها قابلة للاستعمال في الخير والشر إلا أنها غير ملزمة ، أي لا تجبره على القيام بعمل معين سواء فيما يرضي الله أو يغضبه ، أي سواء في الخير أو في الشر ، لأنها لا تظهر إلا إذا قام بها الفاعل على الوجه المطلوب ، فحتى يحدث السم القتل لا بد من استخدامه بكميات محدده وبمواصفات معينة، وحتى يحدث الضرب الألم لا بد أن يكون بمقدار محدد ، وكذا خاصية الإحراق ليست ملزمة ولا تجبر الشخص على استخدامها وإحراق الأشياء بها ، وإنما الإنسان هو الذي استخدمها في طهي الطعام ، أو إحراق بيت على أهله مثلا ، وخاصية الكرم لا تجبر أحدا على إنفاق أمواله على الناس وخاصية البخل لا تجبر البخيل على عدم الإنفاق الواجب .

    ولم يلزم الله الإنسان القيام بالعمل أو تركه ، وإنما يقدم الإنسان على الفعل أو يتركه مختارا بما وهبه الله من عقل مميز مدرك للآثار الناتجة عن استخدامه للأشياء أو استجابته لحاجاته وغرائزه ، فإذا ضرب شخص آخر بخنجر فهو يدرك مسبقا أن هذا العمل ينتج عنه قتل أو جرح ، ولهذا يحاسب على ما قام به من عمل ويتحمل مسؤولية الآثار الناتجة عنه ، أما إذا كان فاقد العقل غير مدرك لآثار عمله كأن يكون صغيرا أو مجنونا ، فلا يحاسب على أعماله ، من اجل ذلك جعل العقل مناط التكليف ، ولان العقل مناط التكليف فعندما يفعل شخص ما الخير يكون عقله هو الذي اختار فعل الخير ، وعندما يفعل الشر يكون عقله الذي اختار فعل الشر ، ولهذا يجازى على فعله بالثواب والعقاب ، فقد قام بالفعل مختارا وليس مجبرا، ولا شأن للقضاء والقدر بذلك قال تعالى (كل نفس بما كسبت رهينة )[13].

    علم الله وإرادة الإنسان

    إن علم الله تعالى لا يجبر أحدا على القيام بعمل معين ، لان عمل الإنسان تم بناءا على اختياره وإرادته ، لابناءا على علم الله ، لان الإنسان لا يدري من علم الله شيئا ، ولا يعرف ما كتب له في اللوح المحفوظ ، فمثلا قد يرى أب أن زيدا من أولاده سيعمل طبيبا، وان عمروا سيعمل نجارا ، وحدث ما توقعه الأب ، فهل توقعات الأب هي التي أجبرت الولدين على عمليهما ؟، ولله المثل الأعلى فهو الخبير العليم بمخلوقاته أدرى بما ستكون عليه الخلائق في المستقبل قبل أن يخلق الخلق، وما الكتابة في اللوح المحفوظ إلا كناية عن هذا العلم فقط ، وهذا العلم لا يجبر أحدا على القيام بأي عمل .
    وقد أنكر المعتزلة وجود علم لله مسبق لما سيحصل من العبد فقالوا ( لا قدر وإنما الأمر انف ) أي لا علم سابق لما سيقوم به العبد لان ذلك يعني أن الإنسان مسير ، ومجبر على أن يسير في حياته وفق علم الله .

    الرد عليهم

    علم الله صفة متعلقة بذاته ، أي أن الله سبحانه وتعالى لكونه خالقا فان علمه أزلي فهو يعلم بما هو كائن وما سيكون ، وهذا العلم خاص به ، فهذا شيء خاص به وليس متعلقا بالعبد ، فهذه صفة أزلية من صفات الله تعالى ، فلا يعني كونه عالما أن العبد مجبر على أن يسير وفق علم الله ، لكن معناه أن الله لا يغيب عن علمه شيء فهو بعلم انه خلق هذا الإنسان وأعطاه إرادته وبعد أن خيره وبين له طريق الخير وأعطاه القدرة على الاختيار ، علم أن هذا العبد سيفعل باختياره كذا وكذا ، فالفعل هو باختيار العبد وليس بناء على علم الله ، كما إن الإنسان غير مطلع على علم الله حتى يقوم بناء عليه ، لهذا يقوم بالفعل باختياره .
    وعلم الله هو القدر الوارد في حديث جبريل عليه السلام عندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم : ما الإيمان فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره[14].
    وهو أيضا المعنى المقصود في قوله صلى الله عليه وسلم ( واعلم أن الأمة أو اجتمعت على أن تنفعك بشيء لم تنفعك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وان اجتمعت على أن تضرك بشيء لم تضرك بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف ) [15]. انظر ملحق (2)

    المشيئة الإلهية والإرادة البشرية .

    المشيئة الإلهية تعني انه لا يقع في ملكه شيء جبرا عنه ، وهذه صفة لله تعالى لكونه خالقا ، فكونه خالقا يقتضي الإرادة ، أي انه مريد وانه لا يقع في ملكه شيء جبرا عنه ، ولو جاز أن يقع في ملكه شيء جبرا عنه لما كان خالقا ، بمعنى انه لا يقع في ملكه إلا ما يريد ، فإذا عمل العبد عملا ولم يمنعه الله منه ولم يرغمه عليه بل تركه يفعل مختارا، كان فعله هذا بإرادة الله لا جبرا عنه ، وكان فعل العبد باختياره أيضا قال تعالى (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) [16] أي أن الله أعطى الإنسان حرية الإرادة ، فله أن يختار الإيمان وله أن يختار الكفر ، فإذا اختار الإيمان اختار ضمن الإرادة الإلهية لاجبرا عنها ، وإذا اختار الكفر اختار ضمن الإرادة الإلهية أيضا التي أعطته إرادته البشرية ، وعليه أن يتحمل مسؤولية اختياره ، وإرادة الله لا تجبره على الإيمان أو الكفر.فإرادة الله لا صلة لها بفعل العبد .

    هذه هي مسالة القضاء والقدر ، وهي تحمل الإنسان على فعل الخير واجتناب الشر حين يعلم أن الله مراقبه ومحاسبه ، وانه جعل له اختيار الفعل والترك، وانه ان لم يحسن اختيار الأفعال ، كان الويل له والعذاب الشديد عليه ، ولذلك نجد المؤمن الصادق المدرك لحقيقة القضاء والقدر ، العارف حقيقة ما وهبه الله من نعمة العقل والاختيار ، نجده شديد المراقبة لله شديد الخوف منه ، يقوم بتنفيذ الأوامر الإلهية ويجتنب النواهي خوفا من عذاب الله وطمعا في جنته وحبا في اكتساب ما هو اكبر من ذلك ألا وهو رضوان الله سبحانه وتعالى .

    الغاية من دراسة القضاء والقدر

    دراسة القضاء والقدر تهدف إلى تغيير المفهوم المغلوط الذي لدى الناس والذي يتمثل في اعتقادهم أن كل ما يحصل من أوضاع خاطئة كالظلم والفساد وتعطيل شرع الله يجب أن نرضى به ولا نسعى لتغييره ، لان في محاولة التغيير اعتراض على قدر الله وعدم رضى بمشيئته ، ، أن هذا الفهم المغلوط للقضاء والقدر يدفع إلى الكسل والقعود والرضا بالأوضاع الفاسدة والرضا بالكفر والظلم والقعود عن التغيير . انظر ملحق (3)
    أما من يفهم القضاء والقدر على حقيقته بمعنى أن الأفعال التي تقع خارج إرادة الإنسان انه غير مسؤول عنها لأنها من رب العالمين ، يرضى بها لأنها من رب العالمين فلا يصيبه اليأس والإحباط ، وإنما يشعر بالطمأنينة ، قال صلى الله عليه وسلم ( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد الا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وان أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)[17] .
    وفهمه الصحيح بأنه مسؤول عن أعماله وانه يستطيع أن يغير وان يعمل وان يغير المنكرات ويزيل الفساد ويرفع الظلم ، وان إرادته لها محل كبير وشأن عظيم في الوجود وفي التغيير وفي إيجاد الأوضاع السليمة ، هذا كله يدفعه إلى رفض الفساد وكره المنكر والعمل لتغييره طلبا لمرضاة الله ، والبعد عن مخالفة أوامر الله وتجنب الكسل والقعود ، لأنه يعلم انه سيحاسب على التواني والتقصير . هذا الفهم يدفع المسلم لأن يكون فاعلا نشيطا مؤثرا ويجعله مطمئن مرتاح البال ويتحول الىكتلة ديناميكية متحركة فيشعر بالسعادة الدائمة فلا ييأس ولا يقنط ولا يسخط.

    الملاحق :

    1- التفكير المنطقي

    البحث المنطقي ليس طريقة في التفكير ولكنه أسلوب من أساليب البحث المبنية على الطريقة العقلية ، لان البحث المنطقي هو بناء فكر على فكر بحيث ينتهي إلى الحس والوصول عن طريق هذا البناء إلى نتيجة معينة . مثل :
    لوح الكتابة خشب
    كل خشب يحترق
    النتيجة : لوح الكتابة يحترق
    مثال آخر :
    لو كان في الشاة المذبوحة حياة لتحركت
    لكنها لم تتحرك
    النتيجة : لا يوجد في الشاة المذبوحة حياة .
    قرنت في المثال الأول فكرة ( كل خشب يحترق ) مع فكرة ( لوح الكتابة خشب)، فنتج عن هذا الاقتران إن لوح الكتابة يحترق .
    وقرن في المثال الثاني فكرة ( الشاة المذبوحة لم تتحرك ) مع فكرة ( الحياة في الشاة المذبوحة تجعلها تتحرك ) فنتج عن هذا الاقتران أن الشاة المذبوحة لا توجد فيها حياة .
    فهذا البحث المنطقي إذا كانت قضاياه التي تتضمن الأفكار التي جرى اقترانها صادقة تكون النتيجة صادقة ، وإذا كانت كاذبة تكون النتيجة كاذبة . وشرط المقدمات أن تنتهي كل قضية منها إلى الحس ، ولذلك ترجع إلى الطريقة العقلية ويحكم فيها الحس حتى يفهم صدقها ، ومن هنا كان المنطق أسلوبا من الأساليب المبنية على الطريقة العقلية ، وفيه قابلية الكذب وقابلية المغالطة وهو اكثر ما يضر في التشريع والسياسة ، لان نتائجه تبنى على مقدمات ، وكذب هذه المقدمات أو صدقها ليس من السهل إدراكه في جميع الأحوال ، لذلك قد يكون كذب إحدى هذه المقدمات خفيا ، أو يكون صدقها مبنيا على معلومات خاطئة ، فيؤدي ذلك إلى نتائج خاطئة . على أن المنطق يمكن الوصول به إلى نتائج متناقضة مثل :
    القرآن كلام الله
    وكلام الله قديم
    النتيجة : القرآن قديم
    ومثل آخر يناقض المثل السابق
    القرآن كلام الله في اللغة العربية
    واللغة العربية مخلوقة
    النتيجة : القرآن مخلوق
    وقد يؤدي إلى نتائج مضللة ، مثل :
    المسلمون متأخر ون
    وكل متأخر منحط
    النتيجة : المسلمون منحطون
    وهكذا تجد أن أخطار المنطق أخطار فظيعة ، فقد تؤدي إلى الخطأ وقد تؤدي إلى الضلال، بل قد تؤدي إلى الدمار كما حدث في قضية خلق القرآن ، وقضية القضاء والقدر ، والشعوب والأمم التي تعلقت بالمنطق حال المنطق بينها وبين رفعة الحياة ، لذلك فان المنطق وان كان أسلوبا من أساليب الطريقة العقلية ، لكنه أسلوب عقيم، بل أسلوب مضر ،وخطره خطر مدمر ، ولذلك لا بد من نبذه والحذر منه ، والحيلولة بينه وبين الناس.

    2- الإيمان بالقدر

    في حديث جبريل عليه السلام انه سأل الرسول e قال : ما الإيمان ؟ فأجابه الرسول e بقوله : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره )[18] والقدر الوارد في هذا الحديث هو غير القدر المتعلق بقضية القضاء والقدر وفيما يلي توضيح لذلك.
    وردت كلمة القدر في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف بمعاني لغوية كثيرة منها قوله تعالى ( فقدر عليه رزقه )[19] أي ضيق الله عليه رزقه ، وقوله تعالى ( وقدر فيها أقواتها)[20] أي جعل من خصائص الأرض إنبات طعام سكانها ، وقول تعالى ( من نطفة خلقه فقدره )[21] أي هيأه لما يصلح له ويختص به ، أما المعنى الشرعي لكلمة القدر فهو علم الله في الأزل لما ستكون عليه الخلائق في المستقبل ، وقد عبر عن ذلك العلم بالكتابة في اللوح المحفوظ ، والمعنى الشرعي للقدر استنبط من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة ، قال تعالى (فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين ) [22]قال تعالى (قالوا انا أرسلنا إلى قوم مجرمين ، إلا آل لوط انا لمنجوهم أجمعين إلا امرأته قدرنا أنها لمن الغابرين)[23] وقال تعالى ( وكان أمر الله قدرا مقدورا )[24] أي أمرا جرى تقديره في الأزل ، ومعنى مقدورا : حتمي الوقوع ، ففي الآيات السابقة جاءت كلمة القدر بمعنى تقدير الأشياء في الأزل ، وقد جاء هذا المعنى في الأحاديث النبوية منها قوله e ( لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صفحتها ولتنكح فان لها ما قدر لها ) [25]، أي لا تطلب طلاق ضرتها لان حظها من الطعام والنكاح أمر جرى تقديره في الأزل ستحصل عليه سواء بقيت ضرتها أم طلقت ، وفي حديث آخر يقول الرسول e ( لا تنذروا فان النذر لا يغني من القدر شيئا،وانما يستخرج به من البخيل )[26] ومعنى الحديث أن النذر الذي ينذره البخيل لا يحقق شيئا ولكن قد يصادف حدوث القدر بعد النذر مباشرة حتى يدفع البخيل لإخراج المال الذي وهبه نذرا لله تعالى .
    وقد عبر عن القدر بالكتابة ، قال تعالى ( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا )[27] وقوله ( وكل صغير وكبير مستطر )[28] أي كل شيء مكتوب في اللوح المحفوظ ، وقال e ( واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن تنفعك بشيء لم تنفعك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وان اجتمعت على أن تضرك بشيء لم تضرك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف )[29]وهذا القدر المكتوب في اللوح المحفوظ هو كناية عن علم الله تعالى ، قال تعالى (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا يابس إلا في كتاب مبين ) [30]، والكتاب المبين هو اللوح المحفوظ ، وهي بمقام التأكيد لقوله تعالى ( إلا يعلمها) فتكون الكتابة في الكتاب المبين كناية عن علم الله تعالى ، وقال تعالى أيضا ( قال فما بال القرون الأولى قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى )[31] .
    وإذا كان هذا هو معنى القدر فلا مجال للقول بان الإنسان مجبر على القيام بأعماله ، لان علم الله تعالى لا يجبر العبد على القيام بالعمل لان الله علم انه سيقوم بالعمل مختارا ، ولم يكن قيامه بالعمل بناءا على علم الله ، بل كان صادرا عن العبد بإرادته هو واختياره هو دون تدخل للكتابة والتقدير في مباشرته للعمل.
    إن علم الله لا يجبر أحدا على القيام بعمل معين ، لان عمل الفرد تم بناء على اختياره وإرادته ، لا بناء على علم الله ، لان الإنسان لا يدري من علم الله شيئا ، ولا يعرف ما كتب له في اللوح المحفوظ ، فمثلا قد يتوقع المدرس أن أحد طلابه سيعمل طبيا والآخر سيعمل نجارا ، وحدث ما توقعه المعلم ، فهل تعتبر توقعات المعلم هي التي أجبرت الطالبين على عمليهما ؟ ولله المثل الأعلى فهو الخبير العليم بمخلوقاته أدرى بما ستكون عليه الخلائق في المستقبل قبل أن يخلق الخلق ، وما الكتابة في اللوح المحفوظ إلا كناية عن هذا العلم فقط ، وهذا العلم لا يجبر أحدا على القيام بأي عمل .
    كما أن علم الله بان الأمر الفلاني سيحصل لا يعني الاتكال على علم الله بحصول العمل وعدم الأخذ بوسائل القيام به ، لان علم الله لم ينكشف لأحد حتى يعرف أن الحدث الفلاني سيقع أو لا ، ولا يمكن معرفة ذلك إلا بعد وقوعه ، فلا يصح لأحد أن يتكل على علم الله ويترك العمل ، لهذا نبه الرسول e المسلمين أن لا يتكلوا على علم الله وان يعملوا ، ففي حديث عمران بن الحصين قال : فلم يعمل العاملون ، قال : كل يعمل لما خلق له أو لما يسر له)[32] وفي حديث علي : ( وقال رجل من القوم : إلا نتكل يا رسول الله ؟ قال : لا، اعملوا فكل ميسر ثم قرأ : فأما من أعطى واتقى ……..الآية ) [33]وهذا صريح بان الإيمان بالقدر لا يعني الاتكال ، لان القدر والكتابة وعلم الله لا ينكشف لأحد من الخلق ، فعل أي شيء نتكل ؟ ونهي الرسول e عن الاتكال وأمره بالعمل دليل صريح على عدم ربط العمل بالقدر.
    كذلك علم الله بان الأمر الفلاني سيحصل لا يعني عدم الأخذ بالأسباب وربطها بمسبباتها ، لان علم الله لم ينكشف لأحد حتى يعلم بان الأمر سيقع فلا يأخذ بأسبابه ، فلا يصح أن يترك الاخذبالاسباب والمسببات بحجة القدر والكتابة لان ذلك ربط بمجهول، بل لا بد من الأخذ بالأسباب دون ربطها بالقدر ، بل دون التفكير به ، لهذا استنكر عمر بن الخطاب على أبي عبيدة حين ربط القدر بالأخذ بالأسباب ، ففي طاعون عمواس خرج عمر من المدين
    ررررشة دلع
    ررررشة دلع
    عـضـو مـحترف
    عـضـو مـحترف


    الدولة : فلسطين
    انثى
    عدد المساهمات : 2143
    نقاط : 4472
    تاريخ التسجيل : 27/08/2010
    العمر : 35

    القضاء والقدر أرجو التثبيت Empty رد: القضاء والقدر أرجو التثبيت

    مُساهمة من طرف ررررشة دلع الأربعاء فبراير 09, 2011 4:14 am

    مشكوووووووووووور كتير
    طرح رائع
    سلمت يداك
    في انتظار جديدك
    تحيــــــــــــــــــاتي
    ررررشة دلع

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد سبتمبر 22, 2024 8:28 pm